Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar* (Q29aad) *Li Sh Xassan Ibraahim Xafidahullaah
عرض الإسلام على القبائل والأفراد
كان من دأب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أمره الله بالجهر بالدعوة أنه كان يخرج في موسم الحج أيام أسواق العرب إلى منازل القبائل فيدعوهم إلى الإسلام.
وأشهر أسواق العرب في الجاهلية وأقربها إلى مكة ثلاثة: عكاظ، ومجنة، وذو المجاز. وعكاظ قرية بين نخلة والطائف، كانوا يقيمون بها السوق من أول شهر ذي القعدة إلى عشرين منه. ثم ينتقلون منها إلى مجنة، فيقيمون بها السوق إلى نهاية شهر ذي القعدة، وهي موضع في وادي مر الظهران أسفل مكة. وأما ذو المجاز فهو خلف جبل عرفة أي خلف جبل الرحمة، وكانوا يقيمون هناك السوق من أول ذي الحجة إلى الثامن منه، ثم يتفرغون لأداء مناسك الحج.
وممن أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإسلام، وعرض عليهم نفسه ليؤوه وينصروه: بنو عامر بن صعصعة، وبنو محارب بن خصفة، وبنو فزارة، وغسان، ومرّة، وبنو حنيفة، وبنو سليم، وبنو عبس، وبنو نصر، وبنو البكاء، وكندة، وكلب، وبنو الحارث بن كعب، وعذرة، والحضارمة.
فلم يستجب له منهم أحد، ولكنهم اختلفوا في أساليب ردودهم، فمنهم من رد عليه رداً جميلاً، ومنهم من اشترط لنفسه أن تكون له الرئاسة بعده، ومنهم من قال: أسرتك وعشيرتك أعلم بك، حيث لم يتبعوك، ومنهم من رد عليه رداً قبيحاً، وكان بنو حنيفة رهط مسيلمة الكذاب أقبحهم رداً.
المؤمنون من غير أهل مكة:
وقدر الله أن يؤمن رجال من غير أهل مكة في الزمن الذي كانت الدعوة تمر فيه بأصعب مراحلها في مكة، فكانوا كجذوة أمل أضاءت في ظلام اليأس، فمنهم:
١- سويد بن الصامت كان شاعراً لبيباً، من سكان يثرب، يسمى بالكامل، لشرفه وشعره. أتى مكة حاجاً أو معتمراً، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، فعرض هو على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكمة لقمان، فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن فأسلم، وقال: إن هذا قول حسن. قتل في وقعة بين الأوس والخزرج قبل يوم بعاث.
٢- إياس بن معاذ كان غلاماً حدثاً من سكان يثرب، قدم مكة في أوائل سنة ١١ من النبوة، في وفد من الأوس كانوا يلتمسون الحلف من قريش على الخزرج، فجاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فقال إياس: هذا والله خير مما جئتم له. فرمى أبو الحيسر أحد أعضاء الوفد – تراب البطحاء في وجه إياس، وقال: دعنا عنك، لقد جئنا لغير هذا، فسكت، وبعد رجوعهم إلى يثرب لم يلبث إياس أن هلك، وكان يهلل ويكبر ويحمد، ويسبح عند موته، فلا يشكون أنه مات مسلما.
٣- أبو ذر الغفاري – بلغ إليه خبر مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبب إسلام سويد بن الصامت وإياس بن معاذ. فأرسل أخاه إلى مكة ليأتي بالخبر. فذهب ورجع، ولم يشفه، فخرج بنفسه حتى نزل بمكة في المسجد الحرام. وبقي فيه نحو شهر، يشرب ماء زمزم، وهو طعامه وشرابه، ولا يسأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحداً خوفاً على نفسه، ثم استتبعه علي رضي الله عنه حتى دخل به على النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلب منه أبو ذر أن يعرض عليه الإسلام، فعرضه عليه فأسلم مكانه، ثم جاء إلى المسجد الحرام وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فانقض عليه قريش،وضربوه ليموت، فأنقده العباس، فلما أصبح الغد قال مثل ما قال بالأمس، وضربوه مثل ما ضربوه بالأمس، وأنقذه العباس كما أنقذه بالأمس.
ورجع أبو ذر إلى مساكن قومه بني غفار. فلما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة هاجر إليها.
٤- طفيل بن عمرو الدوسي كان شاعراً لبيباً، رئيس قبيلته دوس في ناحية اليمن. قدم مكة سنة ١١ من النبوة، فاستقبله أهل مكة، وحذروه من النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى حشا أذنه الكرسف حين جاء إلى المسجد الحرام، كي لا يسمع منه - صلى الله عليه وسلم - شيئاً. وكان - صلى الله عليه وسلم - قائماً يصلى عند الكعبة، فوقع في أذنه منه شيء، فاستحسنه، فقال في نفسه: إني لبيب وشاعر ما يخفى عليَّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان حسناً قبلته، وان كان قبيحاً تركته.
فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته تبعه حتى دخل بيته، وذكر قصته، وطلب منه - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض عليه أمره، فعرض عليه الإسلام، وتلا عليه القرآن فأسلم وشهد شهادة الحق، وقل: إني مطاع في قومي، وراجع إليهم، وداعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل لي آية، فدعا له. فلما قرب من قومه استنار وجهه كالمصباح. فدعا الله أن يجعله في غير وجهه، فتحول النور إلى سوطه. فلما دخل على قومه دعاهم إلى الإسلام، فأسلم أبوه وزوجته، وأبطأ القوم، لكنه لما هاجر إلى المدينة بعد الحديبية كان معه سبعون أو ثمانون بيتاً من قومه.
٥- ضماد الأزدي – من أزد شنوءة من اليمن، كان يرقي من الجنون والجن والشياطين. فجاء مكة فسمع سفهاءها يقولون: إن محمداً مجنون، فجاء ليرقيه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ومن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".
أما بعد: فاستعاد ضماد هذه الكلمات ثلاث مرات، ثم قال: سمعت قول الكهنة والسحرة والشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، لقد بلغن قاموس البحر، هات يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar* (Q29aad) *Li Sh Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧