Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar (Q19aad)* Li Sh Xassan Ibraahim Xafidahullaah
موافقة المشركين للمسلمين وسجودهم في سورة النجم:
وفي رمضان سنة خمس من النبوة أي بعد هجرة المسلمين بحوالي شهرين خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد الحرام، وحول الكعبة جمع كبير من قريش، فيهم ساداتهم وكبراؤهم، وكانت قد نزلت عليه سورة النجم، فقام فيهم، وأخذ يتلوها فجاءة، وكان أروع كلام سمعوه قط، فاندهشوا لروعة هذا الكلام، وأخذ منهم كل مأخذ، فبقوا يستمعون إليه مبهوتين ساكتين، حتى إذا تلا في خواتم السورة زواجر وقوارع طارت لها القلوب، وتلا في الأخير {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}، وخر ساجداً وسجد الجميع، ولم يملكوا أنفسهم.
روى البخاري عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة النجم، فسجد لله، فما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفا من حصى أو تراب، فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا، فلقد رأيته بعد قتل كافراً – وهو أمية بن خلف قتل يوم بدر -.
عودة المهاجرين إلى مكة:
وصل هذا الخبر إلى الحبشة، ولكن في صورة تختلف عن الواقع، فقد بلغهم أن قريشاً أسلموا، فرجعوا فرحين مستبشرين إلى مكة، فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار عرفوا جلية الأمر، فمنهم من رجع إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكة سراً أو في جوار أحد من قريش.
الهجرة الثانية إلى الحبشة:
واشتد البلاء والعذاب على المسلمين من قريش ندماً على ما فرط منهم من السجود مع المسلمين، وانتقاماً لما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره للمهاجرين، ونظراً إلى هذه الظروف القاسية أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى. فهاجر اثنان أو ثلاثة وثمانون رجلاً وثمان عشرة امرأة، وكانت هذه الهجرة الثانية أشق من الأولى، لأن قريشاً كانوا متيقظين يتابعون حركات المسلمين، إلا أن المسلمين كانوا أكثر منهم تيقظاً، وأحسن منهم حكمة، وأحكم منهم خطوة، فقد فاتوهم إلى الحبشة رغم كل الجهود.
مكيدة قريش بمهاجري الحبشة:
شق على المشركون أن أفلت منهم المسلمون، ووصلوا إلى مأمن يأمنون فيه على أنفسهم وإيمانهم، فأرسلوا رجلين من دهاتهم ليسترداهم إلى مكة، وهما: عمرو بن العاص، وعبد الله بن ربيعة، وكانا إذ ذاك على الشرك.
ونزل الرجلان بالحبشة تحت خطة مدبرة، فاتصلا أولاً بالبطارقة، وساقا إليهم الهدايا، وذكرا لهم الهدف، ولقناهم الحجة، حتى وافقوهما، ثم حضرا إلى النجاشي، فقدما إليه الهدايا، ثم كلماه، فقالا:
أيها الملك إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء فارقوا دينهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم، وعاتبوهم فيه. وأيدهما البطارقة فيما قالاه حسب الخطة.
ولكن النجاشي احتاط في الأمر، ورأى أن يسمع القضية من الطرفين حتى يتضح له الحق. فدعا المسلمين، وسألهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، ولم تدخلوا به في ديني ولا دين أحد من هذه الملل؟
فتكلم جعفر بن أبي طالب عن المسلمين، وقال: أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل منا القوي الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه. فدعانا إلى الله لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان.
وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات. وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام – فعدد عليه أمور الإسلام – فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به دين الله، فعبدنا الله وحده، فلم نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم الله علينا، وأحللنا ما أحل لنا. فعدا علينا قومنا، فعذبونا، وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله تعالى، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا، وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك، أيها الملك!
فلما سمع النجاشي هذا، طلب من جعفر قراءة شيء من القرآن، فقرأ عليه صدراً من كهعيص – سورة مريم – فبكى النجاشي حتى اخضلت – أي ابتلت – لحيته، وبكى الأساقفة حتى أخضلوا – أي بلوا – مصاحفهم، ثم قال النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة.
ثم خاطب مندوبي قريش وقال: انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما، ولا يُكادون، فخرجا.
وفي اليوم الثاني احتال عمرو بن العاص حلية أخرى، فقال للنجاشي: إنهم – أي المسلمين – يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيماً.
فدعاهم النجاشي وسألهم عن ذلك، فقال جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو عبدالله ورسوله، وروحه، وكلمته، ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فأخذ النجاشي عوداً من الأرض، ثم قال: والله ماعدا – أي ما جاوز – عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود. اذهبوا فأنتم شيوم – أي آمنون – بأرضي، من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم. ما أحب أن لي دبراً – أي جبلاً – من ذهب، وأني آذيت رجلاً منكم.
ثم أمر برد الهدايا على مندوبي قريش فخرجا مقبوحين، وأقام المسلمون بخير دار مع خير جار.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar (Q19aad)* Li Sh Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧