Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar*(Q15aad)*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
وبهذا الجواب تبين عجزهم وجهلهم مَعاً، فقيل لهم: إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون، فاسمعوا منه – سبحانه وتعالى – ما يقوله ويخبر به عن حقيقة شركائكم هؤلاء، يقول – سبحانه وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: ١٩٤]، أي إنهم لا يقدرون على شيء مما يختص بالله – سبحانه وتعالى – كما أنكم لا تقدرون عليه، فأنتم وهم سواء في العجز وعدم القدرة، ولذلك تحداهم بقوله: {فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الأعراف: ١٩٤].
وقال – سبحانه وتعالى -: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} [فاطر: ١٣]، أي بقدر ما يكون من القشرة الرقيقة فوق النواة، {إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: ١٤].
وقال – سبحانه وتعالى-: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ(٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(٢١)} [النحل: ٢٠-٢١].
وقال – سبحانه وتعالى-: {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ(١٩١) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ(١٩٢)} [الأعراف: ١٩١-١٩٢].
وقال – سبحانه وتعالى-: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً} [ الفرقان: ٣].
ثم رتب على عجز هؤلاء الآلهة، وعدم قدرتهم على ما كانوا يزعمون، أن دعاءهم والرجاء منهم لغو وباطل لا فائدة فيه إطلاقاً، وذكر لذلك بعض الأمثلة الرائعة، وذلك مثلاً، قال – سبحانه وتعالى -: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ} [الرعد: ١٤].
ثم دعى المشركين إلى قليل من التفكير، وحيث إنهم كانوا يعترفون بأن الله – تعالى – هو خالق كل شيء، وأن آلهتهم لم يخلقوا شيئاً، ولا يستطيعون أن يخلقوا شيئاً، بل هم أنفسهم مخلوقون لله، فقيل لهم: فكيف سويتم بين الله الخالق القادر وبين هؤلاء المخلوقين العجزة؟ كيف سويتم بينهما في العبادة والدعاء؟ فإنكم تعبدون الله وتعبدون هؤلاء، وتدعون الله وتدعون هؤلاء، {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [النحل: ١٧].
فلما وجه إليهم هذا السؤال بهتوا، وذهبت عنهم حجتهم، فسكتوا وندموا، ثم تشبثوا بأمر باطل، قالوا: إن آباءنا كانوا من أعقل البشر، معروفين بذلك فيما بين الناس، قد اعترف بفضل عقولهم الداني والقاصي، وهم كلهم كانوا على هذا الدين، فكيف يمكن أن يكون هذا الدين ضلالاً وباطلاً؟ ولا سيما وآباء النبي - صلى الله عليه وسلم - وآباء المسلمين أيضاً كانوا على هذا الدين.
فرد عليهم بأنهم ماكانوا مهتدين، ولم يعرفوا سبيل الحق، ولا سلكوه ويستلزم هذا أنهم كانوا ضالين، لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون، وقد قيل لهم بذلك أحياناً بالإشارة والكناية، وأحيانا بالصراحة الكاملة، مثل قوله – سبحانه وتعالى - {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ(٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ(٧٠)} [ الصافات: ٦٩--٧٠].
هذه من جهة، ومن جهة أخرى أخذ المشركون يخوفون النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين من آلهتهم، يقولون: إنكم أسأتم الأدب إلى آلهتنا ببيان عجزهم، فهم سوف يغضبون عليكم، فتهلككم أو تخبطكم لأجل ذلك، وهذا كما كان الأولون يقولون لرسلهم: {إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ ..} [هود: ٥٤].
ورد على ذلك بتذكير المشركين وإلزامهم بما كانوا يشاهدونه ليلاً ونهاراً، وهي أن هذه الآلهة لا تستطيع أن تتحرك من أماكنها، وتتقدم أو تتأخر شيئاً، أو تدفع عن نفسها شراً، فكيف تستطيع أن تضر المسلمين وتهلكهم؟ {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ} [ الأعراف: ١٩٥].
وضرب لهم بمثل هذه المناسبة بعض الأمثال الصريحة، مثل قوله – تعالى - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: ٧٣]، ومثل قوله – تعالى - {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٤١].
وقد بين بعض المسلمين عجزهم هذا بقوله: أرب يبول الثعلبان برأسه *** لقد ذل من بالت عليه الثعالب
فلما وصلت النوبة إلى مثل هذه المصارحة هاج المشركون وماجوا، وسبوا المسلمين حتى سبوا ربهم الله سبحانه وتعالى. فأما المسلمون فقد نهاهم الله – سبحانه وتعالى – عن معاودة ما يسبب ذلك، وقال: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨].
وأما المشركون فقد قرروا إحباط الدعوة، والصد عن سبيل الله بالضغط والقوة والعنف، فقام كل كبير ورئيس بتعذيب من آمن من قبيلته، وذهب جمع منهم إلى أبي طالب ليكف هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدعوة إلى الله.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar*(Q15aad)*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧