Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar* (Q33aad) *Li Sh Xassan Ibraahim Xafidahullaah
بين تدبير قريش وتدبير الله سبحانه وتعالى
ومن طبيعة مثل هذا الاجتماع السرية للغاية، وأن لا يبدو على السطح الظاهر أي حركة تخالف اليوميات، وتغاير العادات المستمرة، حتى لا يشم أحد رائحة التآمر والخطر، ولا يدور في خلد أحد أن هناك غموضاً ينبئ عن الشر. وكان هذا مكراً من قريش، ولكنهم ماكروا بذلك الله سبحانه وتعالى، فخيبهم من حيث لا يشعرون، فقد نزل جبريل وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمؤامرة قريش وأذن له في الهجرة، وحدد له وقت الخروج، وبين له خطة الرد على مكر قريش فقال: "لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه".
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، في نحر الظهيرة، حين يستريح الناس في بيوتهم، إلى بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأبرم معه أمور الهجرة، فجهزا الراحلتين أحث الجهاز واستأجرا عبدالله بن أريقط الليثي وكان على دين قريش ليكون دليلاً لهما في الطريق، وكان هادياً ماهراً بالطرق. وواعداه جبل ثور بعد ثلاث ليال. ثم استمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أعماله اليومية حسب المعتاد، حتى لم يشعر أحد بأنه يستعد للهجرة أو لأي أمر آخر اتقاء مما قررته قريش.
وكان من عادة الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينام في أوائل الليل بعد صلاة العشاء، ويخرج في النصف الأخير من الليل إلى المسجد الحرام، ويصلي فيه صلاة التهجد – قيام الليل – فأضجع علياً - رضي الله عنه- على فراشه تلك الليلة، وأخبره بأنه لا يصيبه مكروه، فلما نام عامة الناس وهدأ الليل جاء المتآمرون سراً إلى بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطوقوه، ورأوا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- نائماً على فراشه - صلى الله عليه وسلم - متسجياً ببرده الحضرمي الأخضر، فظنوه محمداً - صلى الله عليه وسلم - فأخذوا يختالون زهواً، ويرصدونه حتى إذا قام وخرج يثبوا عليه.
وكان هذا جواب مكرهم من الله سبحانه وتعالى يقول تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: ٣٠].
هجــــرة النبي - صلى الله عليه وسلم -
خروجه - صلى الله عليه وسلم - من البيت:
وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيته وهم مطوقون به، فذر تراب البطحاء على رؤوسهم، وهو يتلو قوله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [يس: ٩]. فأخذ الله بأبصارهم فلم يشعروا به - صلى الله عليه وسلم - ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت أبي بكر، ومن خوخة في داره خرجا حتى لحقا بغار ثور قبل بزوغ الفجر، على بعد نحو خمسة أميال في اتجاه اليمن.
ثلاث ليال في الغار:
ولما انتهيا إلى الغار دخله أبو بكر أولاً حتى إذا كان فيه شيء يصيبه هو دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكسحه ووجد فيه ثقوباً فسدها بشق إزاره، وبقى جحر أو جحران ألقمهما رجليه، ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنام في حجره، ولدغ أبو بكر في رجله، ولكنه لم يتحرك لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسقطت دموعه على وجهه صلى الله عليه وسلم فاستيقظ وسأل، فقال: لدغت، فداك أبي وأمي، فتفل رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ فذهب الألم.
وكَمُنَا في الغار ثلاث ليال، وكان عبدالله بن أبي بكر يبيت عندهما، وكان شاباً فطناً ذكياً، فيخرج من عندهما حتى يصبح في قريش كأنه بات بمكة، وكان يسمع مكائد قريش وأخبارهم فكان يأتيهما بها حين يختلط الظلام.
وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى الغنم، فكان يأتيهما بها حين تذهب ساعة من الليل. فيبيتان في لبنها، ثم ينعق بها في غلس، ويتبع بها أثر عبدالله بن أبي بكر ليعفي عليه.
أما قريش فبقيت فتيانها منتظرين قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخروجه حتى أصبحوا، فلما أصبحوا قام علي من فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسقط في أيديهم وسألوه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا علم لي به، فضربوه وسحبوه إلى الكعبة، وحبسوه ساعة، ولكن بدون جدوى. ثم جاءوا إلى بيت أبي بكر وسألوا ابنته أسماء عنه فقالت: لا أدري، فلطمها الخبيث أبو جهل لطمة طرح منها قرطها. ثم أرسلوا الطلب في كل جهة، وجعلوا مائة ناقة عن كل واحد منهما لمن يأتي بهما حيين أو ميتين.
وقد وصلوا في الطلب إلى باب الغار بحيث لو طأطأ أحدهم رأسه ونظر إلى قدميه لرآهم. حتى اشتد حزن أبي بكر - رضي الله عنه- على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما ظنك يا أبا بكر بإثنين الله ثالثهما. لا تحزن إن الله معنا.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar* (Q33aad) *Li Sh Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧