Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar *(Q21aad)* Li Sh Xassan Ibraahim Xafidahullaah
وقد خرج أبوبكر - رضي الله عنه - يريد الهجرة إلى الحبشة بعدما اشتد عليه الأذى وتضايقت عليه سبل الحياة، ولما بلغ برك الغماد لقيه مالك بن الدغنة سيد القارة والأحابيش (القارة: اسم قبيلة عظيمة، والأحابيش: مجموعة قبائل تحالفوا عند جبل حبشي فسموا بذلك)، فسأله عن قصده، فأخبره، فقال مثلك يا أبا بكر لا يخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، فارجع واعبد ربك ببلدك، ثم رجعا إلى مكة، وأعلن ابن الدغنة في قريش عن جواره لأبي بكر، فلم ينكروا عليه، ولكن قالوا: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ولا يستعلن، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا وضعفتنا، فلبت أبو بكر بذلك فترة، ثم بنى مسجدا بفناء داره، واستعلن بصلاته وقراءته، فذكره ابن الدغنة بجواره، فرد عليه أبو بكر جواره، وقال: أرضى بجوار الله.
وكان أبوبكر - رضي الله عنه - رجلاً بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يعجبون منه، وينظرون إليه، فكان المشركون يؤذونه لأجل ذلك.
وأثناء هذه الظروف القاسية التي كان يمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون حدث ما أفضى إلى إسلام بطلين جليلين من أبطال قريش طالما استراح المسلمون تحت ظل قوتهما، وهما: حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
إسلام حمزة رضي الله عنه:
أما إسلام حمزة فسببه أن أبا جهل مر يوماً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عند الصفا، فنال منه وآذاه، ويقال إنه ضرب بحجر في رأسه - صلى الله عليه وسلم- فشجه، ونزف منه الدم، ثم انصرف إلى نادي قريش عند الكعبة، وجلس معهم، وكانت مولاة لعبد الله بن جدعان تنظر ما حدث من مسكن لها على الصفا، وبعد قليل أقبل حمزة من الصيد متوشحاً قوسه، فأخبرته الخبر، فخرج حمزة يسعى حتى قام على أبي جهل، وقال: يا مصفر استه! تشتم ابن أخي، وأنا على دينه، ثم ضربه بالقوس، فشجه شجة منكرة، وثار الحيان: بنو مخزوم وبنو هاشم، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة – أي حمزة – فإني سببت ابن أخيه سباً قبيحاً.
وكان إسلام حمزة - رضي الله عنه- أنفة، كأن اللسان قد سبق إليه دون قصد، ثم شرح الله صدره للإسلام، وكان أعز فتى في قريش، وأقواهم شكيمة، حتى سمي أسد الله، أسلم في ذي الحجة سنة ست من النبوة.
إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة - رضي الله عنه- أسلم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وكان من أشد الناس قسوة على المسلمين قبل إسلامه، وفي ليلة سمع سراً بعض آيات القرآن، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند الكعبة، فوقع في قلبه أنه حق، ولكنه بقي على عناده، حتى خرج يوماً متوشحاً سيفه يريد أن يقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - فلقيه رجل، فقال: أين تعمد يا عمر! قال: أريد أن أقتل محمداً. قال: كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة، وقد قتلت محمداً؟ قال عمر: ما أراك إلا قد صبوت؟ قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن أختك وختنك قد صبوا، فمشى مغضباً حتى أتاهم، وعندهما خباب بن الأرت يقرئهما صحيفة فيها طه، فلما سمع حس عمر توارى في البيت، وسترت أخت عمر الصحيفة، فلما دخل، قال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ فقالا: ماعدا حديثاً تحدثناه بيننا، فلعلكما قد صبوتما؟ فقال له ختنه: ياعمر! أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه، فوطئه وطأً شديداً، فجاءت أخته فرفعته عن زوجها، فنفحها نفحة فدمى وجهها، فقالت وهي غضبى: ياعمر إن كان الحق في غير دينك. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
ويئس عمر وندم واستحيى، قال: أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه. فقالت أخته: إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب فقرأه: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} فقال: أسماء طيبة طاهرة، ثم قرأ طه حتى انتهى إلى قوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} فقال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه؟ دلوني على محمد.
وخرج خباب فقال: أبشر يا عمر! فإني أرجوا أن تكون دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لك ليلة الخميس – وكان قد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام". ثم ذكر له خباب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دار الأرقم التي في أصل الصفا.
فخرج عمر حتى أتى الدار وضرب الباب، فأطل رجل من صرير الباب فرآه متوشحاً السيف، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستجمع القوم، فقال حمزة: مالكم؟ قالوا: عمر. فقال: وعمر، افتحوا له الباب، فإن يريد الخير بذلناه له، وإن كان جاء يريد شراً قتلناه بسيفه. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في داخل الحجرة يوحى إليه، ثم خرج فأخذ بمجامع ثوب عمر وحمائل سيفه فجبذه بشدة، وقال: أما تنتهي يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة؟ ثم قال: اللهم هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب. فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد.
ردة فعل المشركين على إسلام عمر:
كان عمر - رضي الله عنه - ذا شكيمة لا يرام، فلما أسلم ذهب إلى أشد قريش عداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإيذاء للمسلمين، وهو أبو جهل، فدق بابه، فخرج، وقال: أهلاً وسهلاً ما جاء بك؟ قال: جئتك لأخبرك أني آمنت بالله ورسوله محمد، فأغلق الباب في وجهه، وقال: قبحك الله، وقبح ما جئت به. وذهب عمر إلى خاله العاصي بن هشام فأعلمه فدخل البيت. وذهب إلى جميل بن معمر الجمحي – وكان أنقل قريش لحديث – فأخبره أنه أسلم، فنادى جميل بأعلى صوته أن ابن الخطاب قد صبأ، فقال عمر: كذب، ولكني قد أسلمت، فثاروا إليه، فلما زال يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم.
ولما رجع إلى بيته اجتمعوا وزحفوا إليه، يريدون قتله، حتى سال بهم الوادي كثرة، وجاء العاص بن وائل السهمي – من بني سهم، وكانوا حلفاء بني عدي قوم عمر – وعليه حلة حبرة، وقميص مكفوف بحرير، فقال: مالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت، قال: لا سبيل إليك، ثم خرج فوجد الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ قالوا هذا ابن الخطاب قد صبأ، قال: لا سبيل إليه فرجعوا.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar *(Q21aad)* Li Sh Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧