Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar (Q20aad)*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
حيرة المشركين:
لما مني المشركون بالخيبة والفشل في استرداد المسلمين من الحبشة استشاطوا غضباً، وكادوا يتميزون غيظاً، وينقضون على بقية المسلمين بطشاً، ولا سيما وقد كانوا يرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ماض في دعوته، ولكنهم رأوا أن أبا طالب قائم بنصرته رغم التهديد والوعيد الشديد، فاحتاروا في أمرهم، ولم يدروا ماذا يفعلون؟ فربما غلبت عليهم الضراوة، فعادوا إلى التعذيب والتنكيل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبمن بقي معه من المسلمين، وربما فتحوا باب النقاش والجدال، وربما عرضوا الرغائب والمغريات، وربما حاولوا المساومة واللقاء في منتصف الطريق، وربما فكروا في قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - والقضاء على دعوة الإسلام.
إلا أن شيئاً من ذلك لم يُجْدِ لهم نفعاً، ولم يوصلهم إلى المراد، بل كانت نتيجة جهودهم الخيبة والخسران. وفيما يلي نقدم صورة مصغرة لكل من ذلك.
التعذيب ومحاولة القتل:
كان من الطبيعي أن يعود المشركون إلى ضراوتهم بعد الفشل، وفعلاً عادوا إلى الشدة والبطش بالبقية الباقية من المسلمين، بل مدوا أيديهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فمن ذلك أن عتيبة بن أبي لهب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: هو يكفر بالذي {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى(٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: ٨ــ٩]، ثم تسلط عليه بالأذى، وشق قميصه، وتفل في وجهه - صلى الله عليه وسلم - إلا أن البزاق رجع على عتيبة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أرسل عليه كلباً من كلابك". فخرج عتيبة في ركب إلى الشام، فلما نزلوا في الطريق طاف بهم الأسد، فقال: هو آكلي والله، كم دعا محمد عليَّ، قتلني وهو بمكة وأنا بالشام، فلما ناموا جعلوه في وسطهم، ولكن جاء الأسد وأخذه برأسه من بين الإبل والناس، وقتله.
ومن ذلك أن عقبة بن أبي معيط وطئ برجله على رقبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ساجد حتى كادت عيناه تبرزان.
ويؤخذ في سياق الحوادث أن المشركين بعد فشلهم في شتى محاولاتهم لكف الدعوة أخذوا يفكرون بجد في قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو أدى ذلك إلى سفك الدماء. ومما يدل على ذلك أن أبا جهل قال يوما لقريش: إن محمداً قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وشتم آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم، قالوا: والله لا نسلمك لشيء أبداً، فامض لما تريد.
فلما أصبح أبو جهل أخذ حجراً كما وصف، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام يصلي، وغدت قريش في أنديتهم ينتظرون ما يفعله أبو جهل، وأقبل أبو جهل حتى دنا، ثم رجع منهزماً، منتقعاً لونه، مرعوباً، قد يبست يداه على حجره، حتى قذفه من يده. فقالت له قريش: مالك يا أبا الحكم؟ قال: قمت لأفعل ما قلت البارحة، فعرض لي فحل من الإبل ما رأيت مثل هامته وقصرته وأنيابه لفحل قط، فهم بي أن يأكلني.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك جبريل لو دنا لأخذه".
ثم حدث ما هو أشد من ذلك وأنكى، وذلك أن قريشاً اجتمعوا يوماً في الحطيم، وتكلموا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبدأ يطوف بالبيت، فلما مر بهم غمزوه، فعرف ذلك وجهه، ثم مر بهم الثانية، فغمزوه بمثله، فعرف ذلك في وجهه، ثم مر بهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فوقف، ثم قال: "أتسمعون يا معشر قريش: أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح"، فأخذت القوم كلمته، كأن على رؤوسهم طائراً وقع، حتى إن أشدهم فيه ليرفؤه بأحسن ما يجد.
فلما كان الغد اجتمعوا كذلك يذكرون أمره، إذ طلع عليهم، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأخذوا بمجامع ردائه، وقالو: أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا؟ قال: "أنا ذاك"، فانقضوا عليه، هذا يحثه، وهذا يبلبله، وأقبل عقبة بن أبي معيط فلوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقاً شديداً، وأتى الصريخ إلى أبي بكر: أدرك صاحبك، فجاء وأخذ بمكنبي عقبة ودفعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذ يضرب هذا، ويجاهد هذا، وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله، فانصرفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر، وضربوه ضرباً لا يعرف وجهه من أنفه، وكانت له أربع غدائر فما يمسون منها شيئاً إلا رجع، فحملته بنو تيم في ثوب وأدخلوه منزله، ولا يشكون في موته، فتكلم آخر النهار، فسأل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلاموه، وخرجوا من عنده، وعرض عليه الطعام والشراب فأبى أن يأكل أو يشرب حتى يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما هدأ الليل وسكن الناس أوصلوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في دار الأرقم، فلما وجده بخير ساغ له الطعام والشراب.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar (Q20aad)*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧