Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar-(Q17aad)*Li-Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
موقف المشركين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان له من الشهامة والشرف والوقار ما وقاه الله به كثيراً من اعتداءات الناس. وقد كان يحوطه ويمنعه أبو طالب، وكان سيداً مطاعاً معظماً في قريش، ولا يستهان بذمته ولا تخفر. كان من ذروة بني عبد مناف، ولم تعرف لها قريش بل العرب إلا الإجلال والتكريم، فاضطر المشركون بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اتخاذ خطوات سلمية، واختاروا سبيل المفاوضات مع عمه أبي طالب، ولكن مع نوع من أسلوب القسوة والتحدي.
بين قريش وأبي طالب:
فقد مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب، وقالوا له: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه. فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقاً، وردهم رداً جميلاً، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما هو عليه، يظهر دين الله ويدعو إليه.
إنذار قريش وتحديهم لأبي طالب:
ولم تصبر قريش طويلاً حين رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ماضياً في عمله ودعوته إلى الله، فقد أكثروا ذكره وتذامروا فيه، ثم مشوا إلى أبي طالب، وقالوا: يا أبا طالب إن لك سنا، وشرفاً، ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين، ثم انصرفوا.
وعظم على أبي طالب هذا التحدي والإنذار، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر له ما قالوه، وقال له: أبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر مالا أطيق، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضعفه قال: "يا عم! والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر، حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته". ثم استعبر وبكى. وعادت إلى أبي طالب الرقة والثقة، فقال: اذهب يا ابن أخي! فقل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبداً.
إقتراح غريب من قريش، ورد طريف من أبي طالب:
ورأت قريش أن إنذارهم لم يجد نفعاً، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ماض في عمله، وأبو طالب قائم بنصرته. وهذا يعني أنه مستعد لفراقهم وعداوتهم ومنازلتهم في نصرة ابن أخيه محمد - صلى الله عليه وسلم- فلبثوا ملياً يفكرون ويتشاورون، حتى وصلوا إلى اقتراح غريب، فقد جاءوا إلى أبي طالب، ومعهم عمارة بن الوليد سيد شبابهم وأنهد فتى في قريش وأجمله، فقالوا: يا أبا طالب خذ هذا الفتى، فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً، فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل.
قال أبو طالب: والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه؟ هذا والله مالا يكون أبداً.
إعتداءات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
ولما فشلت قريش ويئسوا، ورأوا أن الإنذار والتحدي والمساومة لم تجد نفعاً، بدأوا بالاعتداءات على ذات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وزادوا في تعذيب المسلمين والتنكيل بهم.
وحيث إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان معززاً محتشماً محترماً، فقد تولى إيذاءه كبراء قريش ورؤساؤهم، ولم يجترئ على ذلك أذنابهم وعامتهم.
وكان النفر الذين يؤذونه في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدي بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلي – وكانوا جيرانه - صلى الله عليه وسلم - فكان أحدهم يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلي، وكان يطرحها في برمته إذا نصبت. وكانوا إذا طرحوا عليه ذلك يخرج به على العود فيقف به على بابه ويقول: يا بني عبد مناف! أي جوار هذا؟ ثم يلقيه في الطريق.
وكان أمية بن خلف إذا رآه همزه ولمزه. والهمز: الطعن والشتم علانية، أو كسر العينين والغمز بهم. واللمز: العيب والإغراء.
وكان أخوه أبي بن خلف يتوعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول: يا محمد إن عندي العود، فرساً أعلفه كل يوم فرقاً من ذرة أقتلك عليه. حتى قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل أنا أقتلك إن شاء الله – وقد قتله يوم أحد – وجاء أبي بن خلف هذا يوماً بعظم بال رميم، ونفخه في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
وجلس عقبة بن أبي معيط إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمع منه، فبلغ أبيا – وكان صديقه – فعاتبه، وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل.
أما أبو لهب فقد عاداه وآذاه من أول يوم ظهرت فيه الدعوة إلى الله. وكانت في عقد ابنيه عتبة وعتبية ابنتا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقية وأم كلثوم، فقال لهما: رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا بنتي محمد، وقالت زوجته أيضاً: طلقاهما فإنهما قد صبأتا، فطلقاهما.
وكانت زوجته هذه – وهي أم جميل أروى بنت حرب – أيضاً عدوة لدودة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوته، فكانت تأتي بالأغصان وفيها الشوك، فتطرحها في سبيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل، حتى يعقر هو وأصحابه.
وسمعت بنزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} - فجاءت وفي يدها فهر – أي ملء الكف من الحجارة – وهي تبحث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس مع أبي بكر عند الكعبة فأخذ الله ببصرها، فلم تكن ترى إلا أبا بكر، فقالت: أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله أني لشاعرة ثم قالت:
مذمماً عصينا ** وأمره أبينا ** ودينه قلينا
ثم انصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله أما تراها رأتك، فقال: مارأتني لقد أخذ الله ببصرها.
وكان مما تؤذي به قريش أنهم كانوا يسمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مذمما بدل محمد، يشتمون بذلك ويسبون، ولكن صرف الله ذلك عنه، حيث إنهم كانوا يشتمون مذمما وهو محمد.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar-(Q17aad)*Li-Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧