Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar*(q16aad)*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
تعذيب المسلمين:
فأما تعذيبهم المسلمين فقد أتوا فيه بأنواع تقشعر لها الجلود، وتتفطر منها القلوب.
كان بلال بن رباح - رضي الله عنه- مملوكاً لأمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يجعل في عنقه حبلاً، ويدفعه إلى الصبيان، يلعبون به، وهو يقول: أحد أحد. وكان يخرج به في وقت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في الرمضاء، وهي الرمل أو الحجر الشديد الحرارة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فيقول بلال بن رباح: أحد، أحد.
ومر به أبو بكر - رضي الله عنه - يوماً وهو يعذب فاشتراه وأعتقه لله.
وكان عامر بن فهيرة يعذب حتى يفقد وعيه، ولا يدري ما يقول.
وعذب أبو فكيهة – واسمه أفلح، قيل: كان من الآزد، وكان مولى لبني عبد الدار، فكانوا يخرجونه في نصف النهار في حر شديد، وفي رجليه قيد من حديد، فيجردونه من الثياب، ويبطحونه في الرمضاء، ثم يضعون على ظهره صخرة حتى لا يتحرك، فكان يبقى كذلك حتى لا يعقل، فلم يزل يعذب كذلك حتى هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية. وكانوا مرة قد ربطوا رجليه بحبل، ثم جروه، وألقوه في الرمضاء، وخنقوه حتى ظنوا أنه قد مات، فمر به أبو بكر فاشتراه وأعتقه لله.
وكان خباب بن الأرت ممن سبي في الجاهلية، فاشترته أم أنمار بنت سباع الخزاعية، وكان حداداً، فلما أسلم عذبته مولاته بالنار، كانت تأتي بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره ليكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن يزيده ذلك إلا إيماناً وتسليماً، وكان المشركون أيضاً يعذبونه، فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، وقد ألقوه مراراً على فحم النار، ثم وضعوا على صدره حجراً ثقيلاً حتى لا يقوم.
وكانت زنيرة أمة رومية، أسلمت، فعذبت في الله، وأصيبت في بصرها حتى عميت، فقيل لها: أصابتك اللات والعزى، فقالت: لا والله ما أصابتني، وهذا من الله، وإن شاء كشفه، فأصبحت من الغد، وقد رد الله بصرها، فقالت قريش: هذا بعض سحر محمد.
وأسلمت أم عبيس: جارية لبني زهرة، فكان يعذبها مولاها الأسود بن عبد يغوث، وكان من أشد أعداء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن المستهزئين به.
وأسلمت جارية عمرو بن مؤمل من بني عدي، فكان عمر بن الخطاب يعذبها، وهو يومئذ على الشرك، فكان يضربها حتى يفتر، ثم يدعها، ويقول: الله ما أدعك إلا سآمة، فتقول: كذلك يفعل بك ربك.
وتذكر فيمن أسلمن وعذبن من الجواري: النهدية، وابنتها وكانتا لامرأة من بني عبد الدار.
واشترى أبوبكر - رضي الله عنه - هؤلاء الجواري، وأعتقهن كما أعتق بلالاً وعامر بن فهيرة، وأبا فكيهة. وقد عاتبه أبوه أبو قحافة، وقال: أراك تعتق رقاباً ضعافاً، فلو أعتقت رجالاً جلداً لمنعوك. فقال إني أريد وجه الله، فأنزل الله قرآناً مدحه فيه وذم أعداءه، فقال– سبحانه وتعالى –: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى(١٤) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى(١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى}، وهو أمية بن خلف، ومن كان على شاكلته {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى(١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى(١٨) وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى(١٩) إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى(٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى(٢١)}[الليل: ١٧ــ٢١]، وهو أبوبكر الصديق رضي الله تعالى عنه وعمن أعتقهم، وعن الصحابة أجمعين.
وعذب عمار بن ياسر وأمه وأبوه – رضي الله عنهم – وكانوا حلفاء بني مخزوم، فكان بنو مخزوم – وعلى رأسهم أبو جهل – يخرجونهم إلى الأبطح، إذا حميت الرمضاء، فيعذبونهم بحرها، ويمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: "صبراً آل ياسر موعدكم الجنة، اللهم اغفر لآل ياسر".
أما ياسر والد عمار – وهو ياسر بن عامر بن مالك العنسي المذحجي – فقد مات تحت العذاب. وأما أم عمار – وهي سمية بنت خياط مولاة أبي حذيفة المخزومي، وكانت عجوزاً كبيرة ضعيفة، فطعنها أبو جهل في قبلها بحربة، فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام.
وأما عمار فثقل عليه العذاب، فإن المشركين تارة كانوا يلبسونه درعاً من حديد في يوم صائف، وتارة كانوا يضعون على صدره صخراً أحمر ثقيلاً، وتارة كانوا يغطونه في الماء، حتى قال بلسانه بعض ما يوافقهم، وقبله مليء بالإيمان، فأنزل الله: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: ١٠٦].
وعذب في الله مصعب بن عمير، وكان من أنعم الناس عيشاً، فلما دخل في الإسلام منعته أمه الطعام والشراب، وأخرجته من البيت، فتخشف جلده تخشف الحية.
وعذب صهيب بن سنان الرومي، حتى فقد وعيه، ولا يدري ما يقول.
وعذب عثمان بن عفان، وكان عمه يلفه في حصير من ورق النخيل، ثم يدخنه من تحته.
وأوذي أبو بكر الصديق، وطلحة بن عبيد الله، أخذهما نوفل بن خويلد العدوي وقيل: عثمان بن عبيد الله، أخو طلحة بن عبيد الله، فشدهما في حبل واحد، ليمنعها عن الصلاة وعن الدين، فلم يجيباه، ولم يروعاه إلا وهما مطلقان يصليان، وسميا بالقرينين لكونهما قد شدا في حبل واحد.
وكان أبو جهل إذا سمع برجل قد أسلم وله شرف ومنعة، أنبه، وأخزاه، وأوعده بإلحاق الخسارة الفادحة في المال والجاه، وإذا كان الرجل ضعيفاً ضربه وأغرى به. والحاصل أنهم لم يعلموا بأحد دخل في الإسلام إلا وتصدوا له بالأذى والنكال.
كانت هذه الاعتداءات ضد الضعفاء المسلمين وعامتهم. أما من أسلم من الكبار والأشراف فإنهم كانوا يحسبون له حساباً، ولم يكن يجترئ عليهم إلا أمثالهم من رؤساء القبائل وأشرافها، وذلك مع قدر كبير من الحيطة والحذر.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar*(q16aad)*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧