Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar 10aad*( على جبل الصفا )*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
ولما أتم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا، ولا يذكر عنهم أنهم أبدوا أي معارضة أو تأييد لما سمعوه، سوى ما ورد عن أبي لهب أنه واجه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسوء، فقال تَبًّا لك سائر اليوم. ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
أما عامة قريش فكأنهم قد أصابتهم الدهشة والاستغراب حين فوجئوا بهذا الإنذار، ولم يستطيعوا أن يختاروا أي موقف تجاه ذلك، ولكنهم لما رجعوا إلى بيوتهم، واستقرت أنفسهم، وأفاقوا من دهشتهم، واطمأنوا، استكبروا في أنفسهم، وتناولوا هذه الدعوة والإنذار بالاستخفاف والاستهزاء، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مر على ملأ منهم سخروا منه وقالوا: أهذا الذي بعث الله رسولاً؟ أهذا ابن أبي كبشة، يكلم من السماء. وأمثال ذلك.
وأبو كبشة اسم لأحد أجداده - صلى الله عليه وسلم - من جهة الأم، كان قد خالف دين قريش، واختار النصرانية، فلما خالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدين نسبوه إليه، وشبهوه به، تعييراً واحتقاراً له وطعناً فيه.
واستمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته وبدأ يجهر في نواديهم ومجامعهم، يتلو عليهم كتاب الله، ويدعوهم إلى ما دعت إليه الرسل: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ}. وبدأ يعبد الله أمام أعينهم، فكان يصلي بفناء الكعبة نهاراً جهاراً وعلى رؤوس الأشهاد.
وقد نالت دعوته بعض القبول، ودخل عدد من الناس في دين الله واحداً بعد واحد، وحصل بين هؤلاء المسلمين وبين من لم يسلم من أهل بيتهم التباغض والتباعد.
مشاورة قريش لكف الحجاج عن الدعوة:
واشمأزت قريش من كل ذلك، وساءهم ما رأوه، وما هي إلا أيام حتى اقترب موعد الحج، وأهمهم أمر الحجاج، فاجتمع نفر منهم إلى الوليد بن المغيرة – وكان ذا سن وشرف فيهم – فقال لهم: يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضاً.
قالوا: أنت فقل، وأقم لنا رأياً نقول به.
قال: لا بل أنتم فقولوا أسمع.
قالوا: نقول: كاهن.
قال: ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان، فما هو بزمزمة الكهان ولا بسجعهم.
قالوا: فنقول مجنون.
قال: ماهو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته.
قالوا: فنقول: شاعر.
قال: ماهو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله، رجزه وهجزه وقريضه ومقبوضة ومبسوطة. فما هو بالشعر.
قالوا: فنقول: ساحر.
قال: ماهو بساحر، لقد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثه ولا بعقده.
قالوا: فماذا نقول؟
قال: والله إن لقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجناة. وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول أن تقولوا: هو ساحر، وقوله سحر، يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته.
فتفرقوا عنه بذلك، وجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا للموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه وذكروا له أمره - صلى الله عليه وسلم - فعرف الناس أمره قبل أن يروه أو يسمعوا منه.
وجاءت أيام الحج فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مجامع الحجاج ورحالهم ومنازلهم، ودعاهم إلى الإسلام، وقال لهم: "يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا". وتبعه أبو لهب يكذبه ويؤذيه، فصدرت العرب من ذلك الموسم وقد عرفوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.
سبل شتى لمواجهة الدعوة:
ولما انتهى الحج، وعادت قريش إلى بيوتهم، واطمأنوا كأنهم رأوا أن يعالجوا هذه المشكلة التي نشأت لأجل قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة إلى الله وحده، ففكروا واستشاروا، ثم اختاروا سبلاً شتى لمواجهة هذه الدعوة والقضاء عليها، نذكرها فيما يلي بإيجاز.
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar 10aad*( على جبل الصفا )*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧