Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar 9aad*( عبادة المؤمنين وتربيتهم)*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
عبادة المؤمنين وتربيتهم:
أما الوحي فقد تتابع نزوله بعد أوائل المدثر، ويقال إن أول ما نزل بعدها هي سورة الفاتحة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧)}، وهي سورة تجمع بين الحمد والدعاء، وتشتمل على جميع المقاصد المهمة من القرآن والإسلام، كما أن أول ما أُمِرَ به النبي - صلى الله عليه وسلم - من العبادات الصلاة: ركعتان بالغداة وركعتان بالعشي، نزل بذلك جبريل فعلمه الوضوء والصلاة.
فكانت الطهارة الكاملة هي سمة المؤمنين، والوضوء شرط الصلاة، والفاتحة أصل الصلاة، والحمد والتسبيح من أوراد الصلاة، وكانت الصلاة هي عبادة المؤمنين، يقيمونها، ويقومون بها في أماكن بعيدة عن الأنظار، وربما كانوا يقصدون بها الأودية والشعاب.
ولا تعرف لهم عبادات وأوامر ونواه أخرى في أوائل أيام الإسلام، وإنما كان الوحي يبين لهم جوانب شتى من التوحيد، ويرغبهم في تزكية النفوس، ويحثهم على مكارم الأخلاق، ويصف لهم الجنة والنار، ويعظهم مواعظ بليغة تشرح الصدور وتغذي الأرواح.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويحدو بهم إلى منازل نقاء القلوب، ونظافة الأخلاق، وعفة النفوس، وصدق المعاملات، وبالجملة كان يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم، ويربيهم على التمسك بدين الله والاعتصام بحبل الله، والثبات في أمر الله، والاستقامة عليه.
وهكذا مرت ثلاثة أعوام، والدعوة لم تزل مقصورة على الأفراد، لم يجهر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجامع والنوادي، إلا أنها صارت معروفة لدى قريش، وقد تنكر لهم بعضهم أحياناً، واعتدوا على بعض المؤمنين، ولكنهم لم يبالوا بها بصفة عامة، حيث لم يتعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لدينهم ولم يتكلم في آلهتهم.
الجهــر بالدعـــوة
الدعوة في الأقربين:
وبعد أن قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنوات في سبيل الدعوة الفردية، ووجد لها آذاناً صاغية، ورجالاً صالحين من صميم قريش وغيرها، وتمهدت لها السبل، وتهيأ لظهورها الجو أنزل الله تعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ(٢١٤) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ(٢١٦)} [الشعراء: ٢١٤ـ٢١٦]. فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشيرته الأقربين، وهم بنو هاشم، ومعهم نفر من بني المطلب، فقال بعد الحمد وشهادة التوحيد:
"إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعاً ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحساناً وبالسوء سوءاً. وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً".
فتكلم القوم كلاماً ليناً غير عمه أبي لهب، فإنه قال: خذوا على يديه قبل أن تجتمع عليه العرب، فإن سلمتموه إذن ذللتم. وإن منعتموه قتلتم. فقال أبو طالب: والله لنمنعنه ما بقينا. وقال أيضاً: امض لما أمرت به، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب.
على جبل الصفا:
وفي غضون ذلك نزل أيضاً قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: ٩٤]، فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم على الصفا فعلا أعلاها حجراً، ثم هتف: "يا صباحاه". وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم. ثم جعل ينادي بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل: "يا بني فهر! يا بني عدي! يا بني فلان! يا بني فلان!، يا بني عبد مناف! يا بني عبد المطلب!".
فلما سمعوا قالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فأسرع الناس إليه، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولاً لينظر ماهو؟
فلما اجتمعوا قال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي بسفح هذا الجبل، تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟"
قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذباً، ما جربنا عليك إلا صدقاً.
قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يربأ أهله – أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو – فخشي أن يسبقوه، فجعل ينادي: يا صباحاه".
ثم دعاهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وبين لهم أن هذه الكلمة هي ملاك الدنيا ونجاة الآخرة. ثم حذرهم وأنذرهم عذاب الله إن بقوا على شركهم، ولم يؤمنوا بما جاء به من عند الله، وأنه مع كونه رسولاً لا ينقذهم من العذاب ولا يغنيهم من الله شيئاً.
وعم هذا الإنذار وخص فقال: "يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً، ولا أغني عنكم من الله شيئاً".
"يا بني كعب بن لؤي! أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً".
"يا بني مرة بن كعب! أنقذوا أنفسكم من النار".
"يا معشر بني قصي! أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً".
"يا بني عبد شمس! أنقذوا أنفسكم من النار".
"يا بني عبد مناف! أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً".
"يا بني هاشم! أنقذوا أنفسكم من النار".
"يا بني عبد المطلب! أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً، ولا أغني عنكم من الله شيئاً، سلوني من مالي ما شئتم، ولا أملك لكم من الله شيئاً".
"يا عباس بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئاً".
"يا صفية بنت عبد المطلب: عمة رسول الله! لا أغني عنك من الله شئياً".
"يا فاطمة بنت محمد رسول الله! سليني بما شئت، أنقذي نفسك من النار، لا أغني عنك من الله شيئاً".
"غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها – أي سأصلها حسب حقها –"
Kitaabka Rowdatul Anwaar Fii Siirati An Nabiyil Mukhtaar 9aad*( عبادة المؤمنين وتربيتهم)*Li Sh. Xassan Ibraahim Xafidahullaah
✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧كتاب روضـة الأنوار في سيرة النبي المختار✧Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ✧